
مرة أخرى أجمع قوايا لأستمع لذات الألحان… كلما ولجت والدتي قصرها إلا وتسللت إلى آذاني ذات الموسيقى. أتقلب يمنى ويسرى، أبحث في ثنايا اللون الأبيض المحدق بي. أحدق طويلا لعل النوم يسدل خيوطه بلا جدوى. “ألن تغسل بدنك في هذا اليوم الأغر، أيقظ تلك الكتلة الراقدة امامك”. أزيل عني تلك الأغطية فتزكم أنفي رائحة قد تكون سبب حساسيتي الزائدة الآن. أتماشي كشبح لأقترب من أخي. “تقول لك أمي أن تستحم وتغادر الغرفة فسيبدأ الضيوف بالقدوم”. تمتد يد من تحت الغطاء الخشن لتدفعني بعنف وصوت يلغط مصحوبا برائحة تجعل ريحي نسيما عليلا: “قل لها هي أن تأتي لإيقاظي، أصبحنا وأصبح الملك لله”. أعود لما كنت فيه من أحلام اليقظة حتي يدخل أبي ويلوم أمي لتأخر الإفطار. يربث على كتفي ويسأل عن عدد الجيران الذين زرتهم وأرد “.بالسلب: “ما زلت أنتظر قدوم حسن”. يرد أبي وكله غبطة: “الله يرضي عليك ولا تنسيا صلاة العيد”.
يغادر أبي البيت وصدى سخطه ما زال يرن. يتقلب أخي في فراشه وأغادر الغرفة قبل أن أفقد وعيي. أشتم رائحة القهوة الصباحية بالبهارات كما خليط الأرز بالحليب وتقوم أختي بأخذ صحوننا لبيت جارنا السي أوبوهوش. هناك تجتمع كل العائلات قبل الذهاب لصلاة العيد. يكون موضوع الإفطار غالبا عن أثمنة الكبش وتعداد قصص الأناس الذين فارقت ذبيحتهم الحياة. يفض النقاش بالسؤال عن الشخص الذي سيذبح وعن ساعة ذبح الوالي وهل سيبث ذلك على التلفاز.
ما أن يفرغ الإمام المتسارع في خطبة لم يركز الحاضرون إلا على النذر منها حتى يركض الجميع لنحر الذبيحة وأكل ما لذ وطاب. حينها يحل محل الصمت في الزقاق صوت الأناس المطالبين بفرو البهيمة المسكينة التي لم يبرد دمها بعد.
One of the most ordinary yet best moments in life described so warmly..keep writing..you have it.
LikeLiked by 1 person
و تصبح المدينة قاحلة كأفلام الوسترن أو لوكي لوك لا تسمع إلا صوت حذائه العجيب
LikeLike
style simple mais efficace, keep going I love it
LikeLike
ما أحلى و ما ألذ الذكريات. شكرًا على اخذنا الى ماضٍ عطرٍ، مليءٍ بسلبياته و اجبياته، و لكنه ماضٍ نتقاسمُ فيه ذوق الحياة التي تفقد يوم بعد يوم تقاسِمَها…
LikeLike
LikeLike